القناة الإسبانية الرسمية RTVE تعرض خريطة المغرب كاملة للمرة الثانية على التوالي وتكرس وحدة المملكة
رضوان مشكات
قامت القناة التلفزيونية الإسبانية الرسمية “RTVE” مؤخراً بخطوة لافتة عندما عرضت خريطة المغرب الكاملة متضمنة إقليم الصحراء المغربية، في تجاهل واضح لمطالب جبهة البوليساريو التي احتجت على هذا العرض، وللمرة الثانية على التوالي، أثار هذا الموقف غضب الجبهة الانفصالية، حيث اعترف متحدثها في إسبانيا، عبد الله عربي، بتكرار هذا الأمر رغم احتجاجاتهم السابقة.
يأتي هذا التطور في سياق تحول جذري في الموقف الإسباني من قضية الصحراء، حيث أعلنت مدريد في مارس 2022 دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية لإنهاء النزاع تحت السيادة المغربية، وقد جاء هذا الموقف في رسالة رسمية وجهها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك محمد السادس، مما شكل منعطفاً تاريخياً في مسار القضية الوطنية الاولى.
وتكتسب هذه الخطوة أهمية استثنائية نظراً للثقل التاريخي لإسبانيا في ملف الصحراء، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، كما أن إسبانيا كانت لعقود طويلة تشكل معقلاً رئيسياً لنشاط موالين للبوليساريو وترويج أطروحتها الانفصالية. وقد دفع هذا التحول الجزائر، الداعم الرئيسي لإنفصالي البوليساريو، إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد مدريد، حيث قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية معها في محاولة للضغط عليها للتراجع عن موقفها. إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، مما اضطرت الجزائر لاحقاً إلى إعادة ترميم علاقاتها مع إسبانيا بشكل تدريجي.
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه اليوم مع فرنسا، التي أعلنت في يوليوز 2024 عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء تحت السيادة المغربية. وقد أدى هذا الموقف إلى رد فعل جزائري مماثل، حيث قامت بتقليص علاقاتها الدبلوماسية مع باريس وقطع بعض أوجه التعاون الاقتصادي، غير أن المراقبين يرون أن الجزائر ستضطر مجدداً للتراجع عن موقفها، خاصة في ظل استحالة تراجع فرنسا عن دعمها للمغرب في قضيته الوطنية، وذلك بالنظر إلى حجم الشراكات الاستراتيجية التي تم توقيعها بين فرنسا والمغرب في الأشهر الأخيرة.
وهكذا يبدو أن الدعم الدولي للموقف المغربي في قضية الصحراء يتعزز بشكل متزايد، مع انضمام قوى إقليمية ودولية مؤثرة إلى صف المملكة في رؤيتها لحل النزاع المفتعل، وهو ما يتجلى في المواقف الرسمية والإعلامية على حد سواء، كما يظهر في قرار القناة الإسبانية الرسمية باعتماد الخريطة المغربية الكاملة في نشراتها الإخبارية.