تستضيف تونس خلال هذه الأيام ملتقى أكاديميًا يثير جدلًا إقليميً واسعًا، حيث تكشف التفاصيل عن تحول خطير في الموقف التونسي تجاه قضية الصحراء المغربية.
يأتي هذا الملتقى الذي ينظمه مركز فاعلون للبحث في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية والإنسانية بالتعاون مع جامعة المنستير التونسية، والذي تم عقده في مدينة الحمامات خلال الفترة الممتدة من 26 إلى 30 نونبر ، ليمثل نقطة تحول مهمة في العلاقات الإقليمية.
وفقًا للمعلومات المتداولة، سيشهد الملتقى مشاركة واسعة تشمل باحثين من عدة دول، بما في ذلك الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، إلى جانب وفد رسمي يمثل جبهة البوليساريو الانفصالية، ويثير هذا التجمع العلمي استياءً كبيرًا، خاصة مع توجه المشاركين لتقديم محاضرات تروج لأطروحات الانفصال في الصحراء المغربية.
يرى محللون سياسيون أن هذه الخطوة تمثل تحولًا خطيرًا في السياسة التونسية، حيث باتت تونس تحت قيادة الرئيس قيس سعيد أداة في يد النظام الجزائري، متخلية عن موقفها التاريخي المتوازن، ويشير المراقبون إلى أن هذا الانحياز يأتي بعد سلسلة من الخطوات التي أظهرت تبعية واضحة للجزائر، بما في ذلك استقبال زعيم ميليشيا البوليساريو بشكل رسمي.
لم يقتصر الأمر على الملتقى فحسب، بل امتد إلى مستوى أعمق من التدخل الجزائري في الشؤون التونسية، يعتقد البعض أن العسكر الجزائري قد أحكم قبضته على مفاصل الحكم في تونس، وأصبح المتحكم الرئيسي في سياساتها الداخلية والخارجية، هذا التوجه أثار غضبًا واسعًا داخل المغرب وحتى بين المعارضين التونسيين الذين يرون في هذه الخطوة تراجعًا خطيرًا عن سيادة البلاد.
يأتي هذا التطور في سياق التوتر المستمر بين المغرب والجزائر، حيث تسعى الأخيرة بشكل متواصل إلى عزل المغرب إقليميًا من خلال تحالفات متعددة. ويبدو أن تونس أصبحت جزءًا من هذه الاستراتيجية، مستغلة الظروف المادية الصعبة التي تمر بها وضعف موقفها الدبلوماسي.
المثير للاهتمام أن هذا الموقف يمثل انقلابًا واضحًا على السياسة التونسية التقليدية التي كانت تتميز بالحياد والتوازن في القضايا الإقليمية. فقد كانت تونس تاريخيًا تحافظ على مسافة محايدة في الصراعات المغاربية، وها هي اليوم تنحاز بوضوح لموقف مناهض للوحدة الترابية للمملكة المغربية.
يبدو أن المستقبل الدبلوماسي بين البلدين يلوح في الأفق مشحونًا بالتوتر، مع تزايد المؤشرات على تعميق الخلافات وابتعاد فرص التقارب، وسيكون الملتقى العلمي المرتقب محط أنظار المهتمين بالشأن الإقليمي، لمعرفة مدى تأثيره على العلاقات بين الدول المغاربية.