Take a fresh look at your lifestyle.

المبادرة الصحراوية… صوت جديد يعيد ترتيب الوعي ويكسر جمود البوليساريو

0

بقلم الدكتور: عبد القادر الحافظ بريهما 

في مدينة الداخلة، قدّمت السيدة كجمولة أبي والسيد البشير الدخيل تصريحات قوية تعكس عمق التحولات الجارية داخل المجتمع الصحراوي، وتكشف في الآن ذاته الحاجة إلى مبادرات واقعية تُعيد ترتيب أولويات النقاش وتفتح المجال أمام وعي جديد يقطع مع منطق الجمود. وقد شكّل اللقاء التواصلي الذي نظمته “المبادرة الصحراوية للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان” مناسبة لإبراز هذا النفس الجديد، خاصة مع خطاب يزاوج بين الوضوح السياسي والإنصات لهموم الناس، ويؤكد أن الحوار هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل مشترك أكثر انسجاماً واستقراراً.

وجاءت مداخلات السيد البشير الدخيل لتعزز هذا التوجه، حيث شدد على أن المبادرة ليست ضد الدولة ولا ضد أحد، وأنها لا تسعى إلى أي منافسة انتخابية بقدر ما تركز على تقديم بديل واقعي يعبر عن صوت فئات واسعة ظلت مهمشة أو خارج دائرة الفعل. من جهتها، قدمت كجمولة منت أبي تفسيراً لأسباب تأسيس المبادرة، معتبرة أن زمن التشكيك ولغة الاتهام يجب أن ينتهي، وأن المرحلة تتطلب مبادرات عملية تضع الإنسان الصحراوي في قلب التنمية والحقوق.

وقد شكّل اختيار مدينة الداخلة لاحتضان أول لقاء تواصلي خطوة ذات دلالة سياسية عميقة، باعتبارها منطقة حدودية وذات وزن مجتمعي نوعي، وبالنظر إلى ما عرف عن أهلها من وطنية وروح توافقية. ورغم بروز بعض الأصوات الحادة خلال النقاش، فإن الأمر ظل في إطار الاختلاف الصحي الذي يعزز ثقافة الحوار داخل البيت الصحراوي، ويتيح مواجهة تحديات التنمية المستدامة من زوايا متعددة.

ولا يمكن تقييم هذه المبادرة بعيداً عن التحولات الكبرى التي أعقبت القرار الأممي 2797، في مقابل حالة الجمود التي تسيطر على قيادات البوليساريو شرق الجدار، والتي تبدو عاجزة عن استيعاب سرعة المتغيرات. إذ لم يعد خطاب التخويف كافياً أمام دينامية داخلية بدأت تتشكل وتبحث عن حلول واقعية، بينما ينشغل بعض المنتسبين للبوليساريو بخطابات ليلية وحرب كلامية على “التيك توك”، أغلبها سب وشتم، لا تساهم سوى في إنتاج المزيد من الضبابية.

وفي هذا السياق، تبرز حركة “صحراويون من أجل السلام” التي كانت السباقة قبل سنوات إلى كسر حاجز الصمت، وتنظيم اللقاءات والندوات، وإعادة الثقة للمواطنين، بمختلف مدن الاقاليم الصحراوية على المحيط الاطلسي والتغلغل في المجالات التي كان يحتكرها أنصار البوليساريو بالمخيمات وبغيرها، وقد تحولت الحركة اليوم إلى قوة سياسية ومدنية ذات حضور داخلي وخارجي، أسهمت في تقويض أسطورة “الممثل الوحيد والشرعي”، وفتحت المجال أمام تعددية حقيقية تعبّر عن مختلف حساسيات المجتمع الصحراوي.

ومن هنا، تأتي أهمية التنويه بدور المبادرة الصحراوية للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان والدعوة إلى تعزيز التنسيق والشراكات بينها وبين جل الفاعلين في هذا المضمار وعلى رأسهم حركة “صحراويون من أجل السلام”، لما لذلك من أثر مباشر في مواجهة الدعاية المغرضة للبوليساريو، والتي تهدف إلى إبقاء الصحراويين في وضعية اللا حل، تنفيذاً لأجندة خارجية لا تراعي مصالحهم ولا مستقبلهم. فتكامل الجهود بين الفاعلين الجدد كفيل بخلق تأثير فعلي داخل النسيج الاجتماعي الصحراوي.

و في الأخير، فإن بروز أسماء وازنة مثل السيد الحاج أحمد باريكلى، السيدة كجمولة أبي، السيد البشير الدخيل، السيد محمد الشريف، والسيد المحجوب السالك والسيد نور الدين بلالي…….. إلخ، يؤشر على لحظة فاصلة، تشبه وضع القطار على السكة الصحيحة نحو تثبيت مشروع الحكم الذاتي باعتباره الحل الواقعي الوحيد. ومع ارتفاع أصوات صحراويين يطالبون بإنهاء الحيف وإعادة ربط شرق الجدار بغربه، يبدو أن ساعة التحول قد اقتربت، وأن النضال الحقيقي بدأ يأخذ مساره الطبيعي نحو مشروع حكم ذاتي يضمن الكرامة والاستقرار لكل أبناء الصحراء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.