Take a fresh look at your lifestyle.

إذا كانت الجائزة مسرحية… فلا تتوقعوا نهاية مختلفة عن بقية المشاهد

0

بقلم : أحمد الساسي

انتهت “مهزلة” جائزة المسيرة الخضراء – أو لنقل مهزلة الخمسينية – تماما كما بدأت: تنظيم يُذكِّر بأن بعض الهياكل ما زالت تعيش قبل خطاب 31 أكتوبر… وقبل عيد الوحدة الوطنية الذي لم يصل بعد إلى أجهزة فرزهم ولا إلى عقول لجنة تحكيمهم.

المشهد كان جاهزا مسبقا: ديكور مكتمل، أدوار موزعة، وكومبارس يصفق… فقط ينقصه قليل من الإخراج السيء ليصبح مسلسلا من إنتاج قناة العيون الجهوية.
اللجنة “الموقّرة” التي أشرفت على فرز الأعمال جاءت من هناك… ومن هناك أيضا جاء الدعم، والإشراف، والمشاركة، والتتويج.
ولأن المسرحية يجب أن تحترم حبكتها، فقد تُوِّج من كان يجب أن يتوّج… وانتهى الأمر.
بضاعتهم السيئة رُدّت إليهم، لكن هذه المرة مع قليل من مظاهر الاحتفال.

كيف يمكن إقناع أي صحافي عاقل بأن الفرز نزيه… والجهة الداعمة والمنظّمة والمشرفة والمرشَّحة والفائزة هي المؤسسة نفسها؟
وكيف لنقابة تقول إنها تدافع عن المهنيين أن تتحول إلى فرقة موسيقية تعزف لِقائم بالأعمال يُقدَّم لنا بصفة “مدير”، ويُكرَّم لإنجازات لم يرها أحد؟
هذا ليس خطأ مهنيا… هذا درس نموذجي في الانحراف المؤسساتي.

البلاغ الأصلي سمح بمشاركة كل صحافيي الجهة… لكن مفاجأة اللحظة كانت إقصاء كل من يشتغل في منابر وطنية، وكأن أبناء الجهة يصبحون “غرباء” إذا ارتقوا في مسارهم المهني.
وكأن الجائزة وضعت لبيت واحد لا لجهة كاملة.

ثم جاءت الطامة التي كشفت هشاشة الفهم:
تسمية الموعد بـ”المسيرة الخضراء” في وقت أطلق فيه جلالة الملك تحوّلا مفصليا بإعلان عيد الوحدة الوطنية.
الإشارة الملكية كانت أكبر من قدرة كثيرين على استيعابها… بل إن من يعتبرون أنفسهم “نخبة القناة” لم يلتقطوا بعد حتى العنوان الجديد، فكيف سيرافقون التحول العميق في منهجية الدولة وكيف لهم أن يشرحوا ذلك للمواطن البسيط؟
والأغرب أنهم احتفلوا بخطئهم كما لو أنه اجتهاد فكري لا يحتاج إلى تصحيح.

ما حدث لم يكن سوء تنظيم فقط… لقد كان انكشافا كاملا لمنظومة نقابية لو وُصفَت باسم “نقابة قناة العيون الجهوية” لما ظلمها أحد.
لا رؤية، لا وعي سياقي، لا قراءة للخطابات الملكية، ولا حتى قدرة على احترام أبجديات المهنة.
فقط محاباة متبادلة داخل نفس الحلقة المغلقة.

هكذا انتهت “جائزة المسيرة الخضراء للصحافة والإعلام” بنتائج مخجلة… لا تشرف المهنة، ولا تمثل أبناء الجهة، ولا تنسجم مع الروح الجديدة التي دشّنها صاحب الجلالة بإعلان عيد الوحدة الوطنية كإطار جامع يعيد ترتيب الذاكرة المشتركة برؤية حديثة ومسؤولة.

تحولات كبيرة في الدولة… واحتفالية صغيرة تعيدنا خمسين سنة إلى الوراء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.