جلالة الملك محمد السادس وماكرون يوقعان اتفاقية تاريخية: شراكة استراتيجية شاملة تؤسس لعهد جديد في العلاقات المغربية-الفرنسية
رضوان مشكات
شهدت عاصمة المملكة المغربية الرباط اليوم الاثنين حدثا تاريخيا بارزا بتوقيع جلالة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إعلان الشراكة الاستثنائية الوطيدة بين البلدين، وذلك بحضور ولي العهد الأمير الحسن والأمير مولاي رشيد في الديوان الملكي.
ويؤسس هذا الإعلان التاريخي لمرحلة جديدة في العلاقات المغربية الفرنسية، مستندا إلى إرث غني من الروابط التاريخية والثقافية المتينة بين البلدين. وتهدف هذه الشراكة الاستثنائية إلى تمكين البلدين من مواجهة مختلف التحديات المشتركة بكفاءة عالية، عبر تعزيز التعاون في مختلف المجالات الاستراتيجية.
وتتمحور الشراكة الجديدة حول ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في تعزيز التقارب السياسي والاستراتيجي بين البلدين، وتعميق الشراكة الاقتصادية لخدمة التنمية المستدامة، وترسيخ التعاون في مجال العلاقات الإنسانية والثقافية. وقد حدد الطرفان عدة قطاعات استراتيجية ذات أولوية تشمل الأمن الصحي وإنتاج اللقاحات، وإدارة الموارد المائية، والأمن الغذائي، والفلاحة، والبنية التحتية، والطاقات المتجددة، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التعاون الأمني والدفاعي.
وفي مجال الهجرة، اتفق البلدان على تبني مقاربة شاملة تجمع بين تسهيل التنقل النظامي ومكافحة الهجرة غير الشرعية، مع تعزيز التعاون في مجال إعادة القبول ومنع الهجرة غير النظامية، وتقوية التنسيق بين دول المصدر والعبور والمقصد. كما أكد الجانبان على أهمية التعاون في الفضاء الإفريقي والأطلسي والأورومتوسطي والشرق الأوسط.
وشكل موضوع الصحراء المغربية محطة مهمة في هذا الإعلان، حيث جدد الرئيس الفرنسي دعم بلاده للسيادة المغربية، معتبرا مقترح الحكم الذاتي الأساس الوحيد والدائم للحل السياسي. وأكد التزام فرنسا بمواصلة دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
ولضمان التنفيذ الفعال لهذه الشراكة الاستثنائية، سيشرف العاهل المغربي والرئيس الفرنسي بشكل مباشر على متابعة تنفيذها من خلال اجتماعات دورية، مع تشكيل لجنة متابعة استراتيجية متساوية الأعضاء لتقديم المقترحات وتقييم التقدم المحرز.
ويستند هذا التعاون على مبادئ راسخة تشمل احترام السيادة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والوفاء بالالتزامات المتبادلة، إضافة إلى الثقة والشفافية والتشاور المسبق والمسؤولية المشتركة. ويعكس هذا الاتفاق التاريخي تطلعات البلدين نحو مستقبل مشترك أكثر ازدهارا، ويؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات المغربية الفرنسية المتميزة.
وتشمل مجالات التعاون أيضا القطاع التعليمي والبحث العلمي والتكوين الجامعي، إضافة إلى التعاون الثقافي خاصة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية والتراث. كما يمتد التعاون إلى المجال الرياضي وتنظيم التظاهرات الكبرى، خاصة في إطار الألعاب الأولمبية والبارالمبية المقررة في باريس 2024، وفي أفق استضافة المغرب لكأس العالم لكرة القدم 2030 برفقة اسبانيا والبرتغال.
وبهذا الإعلان التاريخي، يكون البلدان قد دشنا مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تستجيب لتطلعات الشعب المغربي والفرنسي ومواكب التحولات الإقليمية والدولية، مؤكدين التزامهما المشترك بتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات لما فيه مصلحة البلدين والمنطقة بأكملها.