يتواصل الجدل حول مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية بمدينة العرائش في ظل تصاعد أصوات مدنية تنتقد ما وصفته بـ”الانحرافات الخطيرة” التي طالت معالم هذا الفضاء الرمزي، وغياب رؤية شاملة تراعي الخصوصية الثقافية والمعمارية للموقع.
عبرت التنسيقية العامة لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، في بيان لها، عن قلق بالغ إزاء نتائج الأشغال الجارية، التي لم ترقَ – بحسبها – إلى مستوى تطلعات ساكنة المدينة، مؤكدة أن المشروع يفتقر إلى تصميم دقيق يحترم الهوية البيئية والبصرية والمعمارية للشرفة، باعتبارها إحدى أهم الواجهات الرمزية المرتبطة بالذاكرة الجماعية للعرائش.
ووفق ما رصدته التنسيقية، فإن المشروع في صيغته الحالية تجاهل بشكل شبه تام عددا من المكونات الرمزية التي طبعت فضاء الشرفة الأطلسية، من بينها المساحات الخضراء، والأعمدة المعمارية، والعريشات، والعناصر الجمالية الأخرى التي كانت تؤثث هذا الفضاء التاريخي، وتشكّل مرآة لهوية المدينة وامتدادها الحضاري.
في هذا السياق شددت فعاليات المجتمع المدني على أهمية الالتزام الحقيقي بالمقاربة التشاركية، معتبرة أن إشراك المواطنين والهيئات المعنية لا يجب أن يظل مجرد شعار، بل ينبغي أن يترجم إلى آلية ملموسة في صياغة وتتبع وتقييم السياسات العمومية. كما دعت إلى تنظيم يوم دراسي مفتوح، يجمع مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك مكتب الدراسات، والمهندس المشرف، والتقنيين، وممثلي عمالة العرائش، والجماعة الترابية، والمصالح الخارجية، ومكونات المجتمع المدني، بهدف مراجعة التصميم الحالي وإعداد تصور جديد ومندمج يعيد الانسجام إلى المشروع ويراعي الخصوصيات الثقافية والرمزية للمكان.
طالبت التنسيقية في بيانها، بضرورة إجراء تقييم دقيق للأثر البيئي والثقافي للمشروع، وفتح تحقيق مستقل بشأن التغييرات التي طالت الفضاء وتسببت في طمس مكوناته الأصلية، مؤكدة أن الأمر لا يتعلق برفض مبدئي لمبدأ التأهيل، بل برفض تحويل فضاء رمزي إلى مجرد ساحة إسمنتية منقطعة الصلة بتاريخ المدينة وروحها.
أكدت التنسيقية أن أي خطوة نحو افتتاح الشرفة في شكلها الحالي دون مراجعة التصميم، تمثل استفزازا واضحا لمشاعر الساكنة، ومحاولة مكشوفة لفرض الأمر الواقع، داعية إلى تعليق فتح الفضاء للعموم إلى حين التوصل إلى حل متوافق عليه وفتح حوار جاد ومسؤول مع مختلف الجهات المعنية.
أعربت التنسيقية عن تضامنها مع الهيئات المدنية التي سبق أن نبّهت، منذ الإعلان عن المشروع، إلى خطورة ما قد يترتب عن طمس الهوية البصرية والمعمارية للشرفة الأطلسية، من خلال مراسلات وبيانات وعرائض دعت فيها إلى ضرورة صون الموروث الرمزي والبيئي للفضاء، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للعرائشيين.
كما طالبت التنسيقية بوقف فوري للأشغال الجارية، وفتح نقاش عمومي موسّع حول طبيعة المشروع وأهدافه، مع الدعوة إلى ضمان العدالة المجالية، أسوة بالمشاريع التنموية التي تشهدها مدن أخرى في شمال المملكة، على مستوى عدد البرامج وجودة الإنجاز وآليات المراقبة والتتبع وسرعة التنفيذ.
في خطوة احتجاجية تصعيدية، أعلنت التنسيقية مشاركتها في الوقفة التي دعت إليها مكونات المجتمع المدني، المقررة مساء يوم السبت 19 يوليوز 2025، بساحة الشرفة الأطلسية، مؤكدة التزامها بالترافع السلمي والمسؤول من أجل الحفاظ على خصوصية المدينة، وصيانة هويتها وتاريخها.
وختمت التنسيقية العامة لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب بيانها بالتشديد على أنها ستلجأ إلى كل الوسائل القانونية المشروعة في إطار نضال مدني ومؤسساتي يسعى إلى حماية ذاكرة العرائش، وتعزيز مكانتها كمدينة متصالحة مع ذاتها وتاريخها ومستقبلها.
 
						 
			