في زيارته الأخيرة لمخيمات تندوف، ظهر المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى جانب قادة جبهة البوليساريو، في صور حاولت قيادة الرابوني توظيفها إعلامياً كعلامة على الحضور والشرعية غير أن تلك الصور، التي أرادوا لها أن تنطق بـ”الإنجاز”، كانت في حقيقتها أكثر صمتاً من أن تواري الحقيقة الكبرى مشروع انفصالي يعيش على أنفاسه الأخيرة، محاط بأكوام الشعارات البالية وذكريات أوهام لم تتحقق منذ نصف قرن.
الواقع في تندوف لا يحتاج إلى صور كي يُفهم؛ يكفي أن تنصت لصوت المعاناة الممتدة لعقود، وأن ترى خياماً لا تزال تصارع الريح والرمل على أرض منسية، يقطنها بشر حُرموا من الحق في تقرير المصير الحقيقي حق العودة والكرامة والتنمية أما من يتحدث باسمهم اليوم، فهم بقايا قيادة أنهكها الزمن وفقدت القدرة على التجديد أو التغيير، تعيد تدوير خطاباتها في محافل لم تعد تصغي.
ومع ذلك فإن كل صورة تلتقط هناك، تُواجه بما هو أقوى حقائق راسخة على الأرض في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية تنمية متسارعة مشاريع بنية تحتية كبرى، استقرار أمني، واستثمارات متنامية تعكس إرادة سياسية واضحة في جعل الصحراء المغربية نموذجاً للتنمية المتوازنة.
المغرب من موقعه الراسخ والمؤسساتي، لا يراهن على صور مؤقتة، بل على مسار مستدام قائم على العمل الميداني والدبلوماسية الهادئة، وقد أثبت الزمن أن كل مبادرة مغربية تُبنى على رؤية، وكل خطوة تُقابل باعتراف دولي متزايد بمغربية الصحراء، سواء من خلال فتح قنصليات في العيون والداخلة، أو من خلال مواقف صريحة من قوى دولية وازنة.
أما أولئك الذين لا يزالون يراهنون على منابر الدعاية أو مواسم المبعوثين، فعليهم أن يدركوا أن قطار التاريخ قد تجاوزهم، وأن زمن الشعارات انتهى، اليوم، لا صوت يعلو فوق صوت التنمية، ولا مشروع يفرض نفسه إلا بما يقدّمه لشعوبه من أمل وحياة.
الصحراء مغربية، بحكم التاريخ، وبقوة القانون، وبرغبة أبنائها وكل ما عدا ذلك، مجرد مشهد متكرر من مسرحية قاربت على إسدال الستار …