بعد مرور نصف قرن على نزاع الصحراء بدت معالم متعددة توحي بمتغيرات على الارض وأخرى على مستوى المسار السياسي للملف.
كما لم تسلم البوليساريو هي الأخرى من موجة المتغيرات، والتي قسمت ظهرها من خلال إعلان عديد القيادات والمدنيين والعسكريين إنشقاقهم، وعودة فئة كبيرة من ساكنة مخيمات تندوف الى المغرب، فضلا عن اختفاء الدعم لها وذوبان جسمها الدعائي داخل مناطق النزاع.
هذا الوضع سمح بإنتشار مناخ المغتيرات الفكرية، التي اتجهت نحو التأسيس لأفكار ومبادرات نابعة من مستوى نقاش كبير جمع النخب الصحراوية من كل مكان، الذين نجحوا في تقييم مرحلة النصف قرن، ووضع المتغيرات ضمن خانة شروط إنتاح الممكن والقطيعة مع المستحيل.
كما ساهمت الوضعية الإنسانية التي أصبحت مشهدا مخيفا داخل ملف الصحراء، حيث انتقلت الازمة الى تجسيد واقع مؤسف بمخيمات تندوف، من خلال نقص الإمكانيات ومستوى العيش والحصار المفروض على الساكنة، بهدف مواصلة الجزائر والبوليساريو اللعب على ورقة اللجوء، دون التفكير في مخرج مشرف، ينهي مشاهد المعاناة.
تهديد امن المنطقة كان ايضا محورا مهم، ارتبط به إسم دول النفوذ بالعالم، من خلال عديد بيانات التحذير من زيارة المنطقة، بسبب احتدام الصراع بالساحل وداخل منطقة تندوف في الحدود مع مالي.
كان تاريخ البوليساريو المليئ بالأخطاء والتجاوزات فيصلا هو الآخر في عزلها، وسقوط مصداقيتها، ليتم بذلك إسقاطها من عرش التمثيلية، واعلان ميلاد اصوات جديدة، كانت حركة صحراويون من اجل السلام أحد ابرز الهيئات السياسية التي شكلت القوة النابعة من أصوات أهل الصحراء، المطالبة بضرورة إيجاد حل سلمي يضع حدا لمعاناة الخمسين سنة، وينقذ المنطقة من صراع الموت.
كما كانت النخب الصحراوية التي تشكل عنصرا مهما في رسم المشهد السياسي بالاقاليم الصحراوية، من خلال عضوية البرلمان المغربي والمجالس المنتخبة، والنشاط المدني بالإقليم بصورة ديموقراطية الذي أسس لها المغرب عاملا اخر ساهم في اسقاط التمثيلية المزعومة للبوليساريو.
فضلا عن وجود مؤسسة شيوخ القبائل الصحراوية التي تعتبر الممثل الشرعي للصحراويين، النابعة من مؤسسة القبيلة،
حيث كانت المحدد الرئيسي لمختلف مسارات واتجاهات أهل الصحراء، وعاملا مهما في إستباب الرأي داخل المجتمع الصحراوي.
فبعد مرور نصف قرن اصبحت معالم النزاع تتضح نحو تنزيل محكم لمقترح الملك محمد السادس، وفق آلية تشاورية تضع الصحراويين والمغرب شركاء في تنزيل حل نهائي، يضمن سيادة المغرب وحقوق أهل الصحراء، وامن واستقرار المنطقة.
