أصبح اللاجئون الصحراويون المقيمون في المخيمات الواقعة جنوب غرب الجزائر يواجهون صعوبات متزايدة في الحصول على خدمات الاتصالات، حيث باتت فروع بيع الهواتف النقالة وشرائح الاتصال ترفض التعامل مع بطاقات التعريف الصادرة عن جبهة البوليساريو الانفصالية.
وفقا لما كشف عنه منتدى “فورساتين” المعارض للبوليساريو، فإن هذا الإجراء الذي دخل حيز التنفيذ في 26 دجنبر 2024، يمنع الصحراويين من شراء خطوط هاتفية من شركة “موبيليس” المملوكة للدولة الجزائرية باستخدام وثائق هويتهم الحالية.
وبينما تذرع المؤيدون للجبهة الانفصالية بأن القرار يعود لعدم توافق هذه البطاقات مع التحديثات التقنية الأخيرة التي تتطلب وجود تقنية NFC، يرى معارضو البوليساريو أن هذه الخطوة تعكس رغبة السلطات الجزائرية في قطع التواصل بين صحراويي المخيمات وأقرانهم في المغرب.
تكتسي هذه القضية أهمية خاصة نظرا للدور المحوري الذي تلعبه شركة “موبيليس” في المنطقة، إذ تعد المزود الرئيسي لخدمات الاتصالات في مخيمات تندوف، الشركة التي تأسست عام 2003 وتتبع لمجمع “اتصالات الجزائر” الحكومي، تخدم أكثر من 18 مليون مشترك، لكن سيطرتها على سوق الاتصالات في المخيمات يعكس الرقابة الأمنية المشددة التي تفرضها السلطات الجزائرية على المنطقة التي يصعب تحديد عدد سكانها بدقة.
ويرى المراقبون أن هذا الإجراء يثير تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الجزائر بضمان الحقوق الأساسية للمغاربة الصحراويين المقيمين على أراضيها، فالحق في الاتصال والتواصل يعد من الحقوق الإنسانية الأساسية التي ينبغي توفيرها بغض النظر عن التعقيدات السياسية المحيطة بقضية الصحراء المغربية.
وفي تحليل أعمق للموقف، يربط منتدى “فورساتين” هذا القرار بملاحظة تغير في سلوك الصحراويين تجاه نظام البوليساريو والسلطات الجزائرية، ويعزو المنتدى هذا التحول إلى تأثير وسائل الاتصال الحديثة التي مكنت سكان المخيمات من الاطلاع على مستوى المعيشة في الأقاليم الصحراوية المغربية، مما أدى إلى تزايد عدم الرضا عن الأوضاع في المخيمات وتراجع احترام النظام القائم.
وفي ظل هذه التطورات، تبرز مخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى مزيد من العزلة لسكان المخيمات وتقييد حقهم في التواصل مع العالم الخارجي، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها، كما يطرح هذا الوضع تساؤلات حول مستقبل الحريات الأساسية في المخيمات ومدى تأثير هذه القيود على حياة السكان اليومية.