تشهد قضية الصحراء المغربية تطورات ميدانية وسياسية متسارعة تعزز الموقف المغربي وتؤشر إلى تحولات كبيرة في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع هذا الملف الشائك، من بين أبرز هذه التحولات، ما تم تداوله بشأن قرب إغلاق مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مخيمات تندوف، ما يشكل منعطفاً حاسماً في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء.
من الناحية السياسية والقانونية، المفوضية كانت تلعب دوراً محورياً في تكريس صفة “اللاجئ” لسكان المخيمات، وهو ما كانت تستغله جبهة البوليساريو والجزائر كأداة لفرض خيار الاستفتاء، لكن الواقع الميداني وغياب أي إحصاء رسمي وموثوق به، فضلاً عن رفض الجزائر السماح بتسجيل السكان، جعل المفوضية عاجزة عن أداء دورها الحقيقي. الآن، يبدو أن الأمم المتحدة لم تعد ترى في هؤلاء السكان لاجئين، بل أفراداً مستقرين داخل التراب الجزائري، ما يسقط عملياً فكرة “الاستفتاء” من أساسها، إذ لا استفتاء دون إحصاء ولا لاجئين خارج إطار القانون الدولي.
ويأتي هذا التطور بالتوازي مع تقارير تفيد بقرب إعادة تقييم مهام بعثة المينورسو، وهو مؤشر إضافي على أن المجتمع الدولي يتجه أكثر فأكثر نحو تبني المقاربة المغربية المبنية على الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي وعملي.
المغرب، بثبات دبلوماسي وحنكة استراتيجية، استطاع أن يُقنع العديد من الدول الكبرى بعدالة قضيته، والدليل هو الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وافتتاح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، إلى جانب الدعم المتزايد للمبادرة المغربية في أروقة الأمم المتحدة.
أما البوليساريو، ومن خلفها الجزائر، فتجد نفسها اليوم معزولة، متآكلة الشرعية، ومتورطة في إبقاء آلاف الأشخاص في ظروف لا إنسانية بمخيمات مغلقة، وهي اليوم مطالبة بتحمّل المسؤولية أمام العالم، خصوصاً إذا ما تم فعلاً سحب صفة “اللاجئ” عن قاطني المخيمات.
خلاصة القول: نحن أمام تطور يعزز منطق الواقعية السياسية، ويقرّب أكثر من أي وقت مضى طي ملف الصحراء نهائياً لصالح مغربية الصحراء، بما يضمن الاستقرار والتنمية في المنطقة، ويضع حداً لعقود من المعاناة الوهمية التي كانت تُغذى لأغراض إيديولوجية بائدة.