Take a fresh look at your lifestyle.

الفنانة كاية مارية: الصوت الصحراوي الأصيل “معاناة في صمت وتجاهل من المسؤولين”

0

في قلب مدينة العيون، أكبر حواضر الصحراء المغربية، تعيش الفنانة مارية كاية لحظات عصيبة مليئة بالمعاناة الصحية التي جعلتها تكتسب شهرة ليس فقط لصوتها العذب والمميز، بل لما قدمته من إسهامات فنية أسهمت في تعزيز الهوية الوطنية المغربية، خصوصًا من خلال مجموعة “خوسيفا” الموسيقية. مع ذلك، ورغم حضورها البارز في الساحة الفنية، تجد الفنانة نفسها اليوم في مواجهة أزمة صحية حادة تمر بها في صمت، بعيداً عن أي التفاتة من المسؤولين.

 

تعتبر مارية كاية واحدة من أبرز المغنيات والمكونات لمجموعة “خوسيفا”، التي اشتهرت بأدائها الموسيقي الفريد في الأقاليم الجنوبية للمملكة. تقدم المجموعة مزيجًا موسيقيًا يجسد ثقافة الصحراء المغربية ويعكس ارتباط سكان هذه المناطق بوطنهم، خصوصًا من خلال أغانيها التي تحاكي الروابط العميقة بين الشعب المغربي وملوكه العلويين. كما كان لها دور كبير في تلحين وإنتاج أغاني وطنية تعكس تلاحم الشعب المغربي وتفانيه في الدفاع عن الأمن والاستقرار.

تُعد مجموعة “خوسيفا” من الفرق الموسيقية الفريدة من نوعها في المنطقة، حيث ساهمت في إحياء العديد من الفعاليات الفنية الكبرى في العيون وبقية الأقاليم الصحراوية. كما كان لأدائها الفريد أثر كبير في تعزيز الثقافة الوطنية المغربية عبر مختلف المناسبات، بدءًا من عهد المغفور له الملك الحسن الثاني، مرورًا بزفاف الملك محمد السادس، وصولاً إلى احتفالات خطوبة ولي العهد مولاي رشيد. وعلى الرغم من تميزها الفائق، فقد غدت “خوسيفا” جزءًا لا يتجزأ من جميع التظاهرات والاحتفالات التي شهدتها القصور الملكية.

لكن على الرغم من إسهاماتها العميقة في الحياة الفنية والوطنية، تعيش مارية كاية الآن في وضع صحي بالغ الصعوبة. فالفنانة التي كانت تعد من أهم الأصوات في الساحة الفنية الصحراوية تمر بأزمة صحية تتطلب رعاية طبية مكثفة، بعد أن أصابها مرض عضال في جانبها الأيسر، وهو ما استدعى إجراء عملية جراحية لإزالة ورم خلال الاشهر الماضية .والذي ترتب عنه تذبذب كبير في صحتها واثر على قوتها مما استدعى الأمر
بنقلها إلى قسم العناية المركزة بالمستشفى الجهوي الحسن بن المهدي بالعيون، حيث تخضع لعلاج مكثف في ظل وضع صحي حرج.

هذه الحالة الصحية التي تمر بها مارية كاية تأتي بعد سنوات من العطاء المستمر في مجال الفن، حيث كانت قد شاركت في أكثر من مئات المهرجانات والسهرات الفنية التي ساهمت في إبراز الثقافة الصحراوية والوطنية على مستوى المملكة. ورغم كل هذه الإنجازات، إلا أن حالتها الصحية الحالية لم تلقَ التفاتة من المسؤولين الذين بدوا غائبين عن مساندتها في هذه اللحظات الصعبة.

من المؤسف أن تجد الفنانة مارية كاية نفسها في موقف صعب، حيث تمر بتحديات صحية كبيرة دون أن تحظى بالدعم الذي تستحقه من قبل المسؤولين. فرغم ما قدمته من أعمال فنية وطنية، ورغم أنها كانت جزءًا لا يتجزأ من العديد من الفعاليات التي شهدتها مختلف الأقاليم الصحراوية، لم تجد حتى الآن من يقدم لها يد العون في ظل هذه الأزمة الصحية.

هذا الغياب عن التضامن الرسمي يثير العديد من التساؤلات حول مدى اهتمام المسؤولين بالفنانين الذين أسهموا في الحياة الثقافية والفنية للبلاد. فالفنانة كاية مارية التي كانت تعد من أبرز الأسماء الفنية في الساحة الصحراوية، تمثل نموذجًا للفنانة التي عاشت وتُعيش من أجل خدمة الثقافة والوطن، ومن المحزن أن لا تجد الرعاية اللازمة في وقت الحاجة.

إن حالة الفنانة كاية مارية هي دعوة صادقة لتضافر الجهود المجتمعية والتضامن معها في محنتها الصحية. فمن المهم أن تُظهر الجهات المسؤولة والفاعلون في المجال الثقافي الدعم اللازم لهذا الصوت الصحراوي الأصيل، ليس فقط من خلال الاعتراف بما قدمته من أعمال فنية رائعة، بل أيضًا من خلال توفير الرعاية الطبية والدعم المعنوي الذي تستحقه.

لقد كانت “مارية كاية” جزءًا من الهوية الثقافية المغربية وصوتًا حقيقيًا في خدمة الوطن، لذا فإن واجب المجتمع اليوم هو أن يرد لها الجميل في وقت حاجتها. هذه الدعوة لا تتعلق فقط بالمسؤولين، بل أيضًا بالجمهور المحب لهذا النوع من الفن، والذي ينبغي أن يكون شريكًا في دعم فنانته التي تمثل رمزًا للثقافة الصحراوية والمغربية.

إن الفنانة كاية مارية تمثل مثالًا حيًا على العطاء اللامحدود من أجل الوطن ومن أجل الفن. وبالرغم من التحديات الصحية التي تواجهها، لا يزال صوتها يملأ الساحة الفنية بعبير الأغاني الوطنية التي تعزز الهوية الثقافية للمغرب. يبقى الأمل في أن يتعاطف معها المسؤولون والمجتمع المغربي بأسره، وأن يحصلوا على الدعم والعناية التي تستحقها في هذه اللحظات العصيبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.