Take a fresh look at your lifestyle.

زيارة تاريخية لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي إلى العيون… دعم صريح للسيادة المغربية ورسائل دبلوماسية حاسمة

رضوان مشكات

0

حطت طائرة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لارشيه في مدينة العيون، عاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حاملة معها رسائل واضحة ودلالات عميقة تتجاوز المجاملات الدبلوماسية التقليدية، لترسم معالم مرحلة جديدة في العلاقات المغربية-الفرنسية وعلى رئسها مسار قضية الصحراء المغربية.

لم يكن اختيار العيون كمحطة مهمة في زيارة لارشيه اعتباطياً، بل كان قراراً مدروساً يعكس الموقف الفرنسي الداعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وقد أكد رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي هذا الموقف بوضوح في كلمته التي ألقاها من قلب الصحراء وبالضبط العيون، حيث صرح أن قضية الصحراء المغربية تندرج ضمن السيادة الوطنية للمملكة، وأن مخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب يعد الحل الوحيد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن في سياق البحث عن تسوية سياسية دائمة ومستدامة.

وأضاف لارشيه أن دعم فرنسا لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية أصبح أمراً محسوماً، ويعكس موقف مختلف مؤسسات الجمهورية الفرنسية، مشدداً على أن هذا الدعم ليس ثمرة سياسة حكومية عابرة، بل يمثل من الآن فصاعداً سياسة الجمهورية الفرنسية. كما أعلن عن نية بلاده افتتاح قنصلية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في خطوة تعكس دعماً واضحاً للسيادة المغربية على الصحراء.

لقد برز خلال هذه الزيارة الدور المحوري للسيد محمد ولد الرشيد،رئيس مجلس المستشارين و رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء ورئيس مجلس الجماعة، في تمثيل ساكنة الصحراء المغربية والدفاع عن مصالحها. وقد استطاع ولد الرشيد من خلال المباحثات التي أجراها مع الوفد الفرنسي إبراز الإنجازات التنموية التي تشهدها المنطقة والمشاريع المستقبلية التي ستعزز مكانتها كقطب اقتصادي وتنموي مهم.

وفي كلمته خلال اللقاء، وصف ولد الرشيد هذه الزيارة بأنها علامة فارقة في تاريخ العلاقات المغربية-الفرنسية وحدث تاريخي بارز ولحظة استثنائية بكل المقاييس، مؤكداً أنها تعكس الإرادة المشتركة والقوية للمساهمة الفعلية في كتابة صفحات مجيدة من الكتاب الجديد للعلاقات بين البلدين.

كما شدد ولد الرشيد على أن الدعم الفرنسي لوحدة المغرب الترابية ليس مجرد تأييد دبلوماسي عابر، بل إنه موقف دائم والتزام ثابت يعكس زخم الدعم الدولي الصريح والمتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

خلال هذه الزيارة، اطلع الوفد الفرنسي على مختلف المشاريع التنموية التي تشهدها مدينة العيون، وعلى رأسها مدينة المهن والكفاءات التي تعد صرحاً رائداً في مجال التكوين المهني وتأهيل الشباب لسوق الشغل. وقد أبدى لارشيه إعجابه الكبير بالتطور الذي تشهده المدينة على مستوى البنيات التحتية والمرافق الاجتماعية والسعي المستمر لتحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تمثل نموذجاً يحتذى به بالنسبة لمنطقة الساحل والصحراء التي ترزح تحت وطأة التوترات.

كما فتحت هذه الزيارة آفاقاً واعدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين المغرب وفرنسا في الأقاليم الجنوبية، حيث أكد لارشيه استعداد المقاولات الفرنسية للاستثمار في المنطقة، وخاصة في مجال الطاقات المتجددة، مشيراً إلى أن المغرب يمتلك إمكانيات هائلة في هذا المجال، وأن التعاون بين البلدين يمكن أن يحول الصحراء إلى واحات متقدمة ومتطورة بفضل الابتكار والعبقرية المغربية.

وأكد المسؤول الفرنسي أن مستقبل المغرب وفرنسا مرتبط بشراكة استراتيجية قوية تمتد إلى مختلف المجالات، من بينها الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، والانفتاح على العمق الإفريقي، ما يعزز مكانة المغرب كجسر اقتصادي وتنموي بين أوروبا وإفريقيا.

كما شدد لارشيه على أهمية الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز العلاقات الثنائية، مؤكداً أن المؤسسات التشريعية للبلدين ستلعب دوراً كبيراً داخل الاتحاد الأوروبي والمنتظم الدولي لدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء. وأشار إلى استعداد مجلس الشيوخ الفرنسي لوضع تجربته في مجال اللامركزية وتفويض السلطات رهن إشارة المملكة المغربية، مقترحاً تعزيز التعاون بين الجهات في البلدين لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة.

تشكل زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لارشيه إلى مدينة العيون منعطفاً تاريخياً في مسار العلاقات المغربية-الفرنسية وفي ملف الصحراء المغربية. فهي، من جهة، تعكس الدعم الفرنسي الواضح والصريح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ومن جهة أخرى، تفتح آفاقاً واعدة للتعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين في هذه المنطقة.

إن هذه الزيارة، بكل ما حملته من رسائل ودلالات، تؤكد أن قضية الصحراء المغربية تسير بخطى ثابتة نحو الحسم النهائي لصالح المغرب، وأن المجتمع الدولي، وعلى رأسه فرنسا، بات يدرك أن مستقبل المنطقة مرتبط بالسيادة المغربية والمخطط المغربي للحكم الذاتي.

في ظل هذه التطورات الإيجابية، يبقى الرهان على مواصلة الجهود التنموية في الأقاليم الجنوبية وتعزيز مكانتها كقطب اقتصادي وتنموي مهم، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضاً على المستوى الإقليمي والقاري، بما يخدم مصالح ساكنتها ويعزز التنمية المستدامة في المنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.