Take a fresh look at your lifestyle.

المسيرة الخضراء: عندما توحد شعب خلف قضية وطنية

رضوان مشكات

0

في السادس من نوفمبر 1975، سطر المغرب ملحمة تاريخية فريدة من نوعها في سجل النضال العالمي من أجل تحرير الأراضي المحتلة، لم تكن المسيرة الخضراء مجرد حدث عابر في التاريخ المغربي، بل كانت تجسيداً حياً لعبقرية قيادة ملكية حكيمة وإرادة شعبية صلبة اجتمعتا على هدف واحد: استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

 

ما يميز المسيرة الخضراء عن غيرها من حركات التحرير في العالم هو طابعها السلمي الفريد ، فبدلاً من حمل السلاح، حمل المتطوعون المغاربة المصحف الشريف والراية الوطنية، مؤكدين للعالم أجمع أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بعدالة القضية وفي الوحدة الوطنية الراسخة.

 

إن العبقرية التي تجلت في تخطيط وتنفيذ المسيرة الخضراء تكمن في قدرة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه على تحويل قضية وطنية إلى حركة شعبية جامعة، فقد استطاع أن يجعل من استرجاع الأقاليم الجنوبية هدفاً يلتف حوله كل مكونات المجتمع المغربي، متجاوزين كل الفوارق الاجتماعية والطبقية والجهوية.

 

وبعد 49 عاماً على هذا الحدث التاريخي، لا تزال روح المسيرة الخضراء حية في وجدان الشعب المغربي، فتحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، يواصل المغرب نضاله الدبلوماسي والتنموي لتأكيد مغربية الصحراء وتعزيز مكتسبات الوحدة الترابية، وما مشاريع التنمية الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية إلا دليل على التزام المملكة بجعل هذه المناطق قطباً تنموياً رائداً.

 

إن الدرس الأهم الذي تقدمه المسيرة الخضراء للأجيال الحالية والمقبلة هو أن القضايا الوطنية الكبرى تتطلب التفافاً شعبياً وإرادة صلبة وحكمة في التخطيط والتنفيذ، فقد برهن المغرب للعالم أن القوة الحقيقية لا تكمن في العنف، بل في الوحدة الوطنية والإيمان بعدالة القضية.

 

وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، تبقى روح المسيرة الخضراء منارة تضيء الطريق نحو مستقبل يضمن الوحدة الترابية للمملكة ويعزز مكانتها كنموذج للاستقرار والتنمية في المنطقة فالمغرب اليوم، وهو يحتفل بهذه الذكرى العزيزة، يؤكد من جديد أن وحدته الترابية خط أحمر لا يقبل المساومة، وأن تنمية أقاليمه الجنوبية ركيزة أساسية في مشروعه التنموي الشامل.

 

إن استحضار ذكرى المسيرة الخضراء ليس مجرد احتفال بحدث تاريخي، بل هو تجديد للعهد مع قيم الوحدة والتضامن التي جسدتها هذه الملحمة الوطنية، وعلى الأجيال الجديدة أن تستلهم من هذا الحدث التاريخي دروس الوطنية الحقة والتضحية في سبيل المصلحة العليا للوطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.